كتب : أيمن شاكر
حين لم نجد السعاده والراحة في ذاتنا فلا يمكن أن نبحث عنهما في مكان آخر ، إنّنا نبحث عن السّعادة غالباً وهي قريـبة منّا ، كما نبحث في كثير من الأحيان عن النظّارة وهي فوق عيوننا.
فمن يتأمَّل أحوال الناس وآراءهم في طرق نيلهم السعادة يجد وجهات متباينة وآراءً مختلفة ، فمن الناس من يطلب السعادة بالجاه والسلطه ، ومنهم من يطلب السعادة بالغنى والمال ، ومنهم من يطلب السعادة باللعب واللهو ولو كان بالحرام ، ومنهم من يطلب السعادة بتعاطي أمور محرمة كالخمور والمخدرات .
وكل شخص من هؤلاء إن سُأِل عن أى شئ يبحث ؟
يقول أبحث عن السعادة ، أريد الراحة ، أريد قرة العين ، أريد طرد الهموم وزوال الغموم والبعد عن الأحزان والآلام ، أى يقصد بكل هذا راحه البال .
فالسعادة تُعرف بأنها شعور ناتج عن عملٍ يحبّه الإنسان ، أو يكون ناتجاً عن شيءٍ قام به النّاس لشخصٍ ما . كما أنها شعور بالرضا داخل النفس ، ولا يشترط أن تقترن بالمال ، فالسعادة والمال منفصلان عن بعضهما ولا يؤثر أحدهما على الآخر ، إلا أن بعض الدراسات كشفت أنه يمكن للمال أن يجلب السعادة ويزيدها أيضا ضمن شروط معينة .
وكما أن العامل الأساسي في تأثير المال على السعادة هو كيفية إنفاق هذا المال ، أي أنه إذا أنفق المال بالطريقة الصحيحة تضمن أن يؤدي إلى السعادة وراحة البال تكون السعاده ولكن لفتره مؤقته .
فالأراء والأفهام تتباين ، والعقول والمدارك تتفاوت ولكلٍّ وجهته هو مولِّيها .
بل ربما بعض الناس بل كثير منهم يطلب راحته فيما فيه شقاؤه وهلاكه في الدنيا والآخرة ، مثلهم في ذلك كمثل المنتحر .
فهذا يذكرنى عندما بكى أحد الحكماء على قبر ولده فقيل له : كيف تبكي وأنت تعرف أن الحزن لا يفيد ؟
فنظر إلى سائله طويلاً ثم قال متحسراً إن هذا هو ما يبكينى .
وهكذا نحن أيضاً . نبكي في أحيان كثيرة ونحن نعرف أن الحزن لا يفيد .. ولكننا مع ذلك نجد راحتنا في الدموع ونلتمس فيها السلوى والعزاء
فأيضاً مثلنا كمثل هذا الحكيم نبحث عن السعاده وراحة البال فى كل شئ ما عدا الشئ الذي فيه السعاده وهو طريق الله .
فتأكيداً لهذا الكلام أيها القارئ الجميل .
يجب أن نخطوا على خطى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم . فكان عندما يقف أمامه أمراً ما . كان ينتظر نزول إجابة الله عز وجل لهذا الأمر .
ولكن نحن اليوم أمامنا ديناً كاملاً ، يجب أن نجعله مّرجعنا فى كل شىء وقد إكتمل هذا الدين العظيم إكتمالاً كاملاً من بعد خطبة الوداع الذى قال الله لنا على لسان نبيه فى سوره المائده { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا }
ودليلى أن القرأن هو مرجعنا :
رب العزه قال : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } [النحل: 89].
فالسعادةُ حقيقةٌ إيمانيةٌ وجوهراً ، وليست شكلاً ولا مظهراً . فالقرآن العظيم أُنزل هداية للخلق إلى السعادة في الدنيا والآخرة .
فمن المعلومٌ أنَّ الرضا هو أعلى درجات السعادة ، ومن هذا المنطلقِ يُمكن إدراجُ الآياتِ التي تحدثت عن هذه الرضا
فمن ضمنَ الآياتِ التي تحدثت عن السعادةِ ، ( فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضى ) .
وقال أيضاً : ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ) .
ولكن القرآنُ الكريمِ بيشترط خطواتٍ عمليةٍ لكيفية تحقيق السعادة . مثل الصلاة والصيام والزكاه والتقرب إلى الله بالنوافل وقيام الليل وقراءة القرآن فرب العزه يقول : ( مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى ) .
فالسعاده والرضا سلعة ربانية تُبذل فيها النفوس والمَنهج لتحصيلها والفوز بها ،
فالسعادة في ترك الغل والحسد والنظر إلى ما في أيدي الآخرين فلا سعادة بغير الإيمان بالله تعالى ، بل إن السعادة تزداد وتضعف بحسب هذا الإيمان ، فكلما كان الإيمان قويا كانت السعادة أعظم ، وكلما ضعف الإيمان ، أزداد القلق والاكتئاب والتفكير السلبي مما يؤدي إلى مرارة العيش أو التعاسة في الحياة .
وربنا اخبرنا بهذا مباشره فى القرآن عندما قال :
(123)وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ (126)
سنلتقى إن كان فى العمر بقيه
إرسال تعليق