قوارب الأمل الضائع

المشاهدات الفعلية للخبر 👁 Flag Counter









 

كتب محسن محمد 


في لحظة هادئة على الشاطئ، تنطلق قوارب صغيرة محمّلة بأحلام كبيرة... شباب في مقتبل العمر، يركبون البحر، لا حبًّا في الأمواج، بل هربًا من اليابسة. هربًا من واقع ضاق به الأمل، وخنقته البطالة، وأطفأت فيه الأيام بريق الطموح.

هؤلاء ليسوا مغامرين، بل هم ضحايا. ضحايا أوطان لم تُنصت لنداءاتهم، ولم تفتح لهم بابًا واحدًا ليبقوا.


الهروب إلى المجهول

في كل عام، تتزايد أعداد المهاجرين غير الشرعيين من مختلف الدول العربية، خاصة من فئة الشباب. والسبب معادلة بسيطةمستقبل غامض في الوطن، وحلم مضخّم في الخارج.

أمامهم قارب، وخلفهم انسداد الأفق. يركبون المجهول لا لأنهم يجهلون الخطر، بل لأنهم يعرفون الألم الذي تركوه جيدًا.

في لحظة قرار، تصبح الحياة مجازفة، ويصبح البحر "فرصة" أفضل من انتظار وظيفة قد لا تأتي أبدًا.


الواقع كما هو... لا كما يُقال

لا نحتاج لتقارير دولية لنُدرك حجم المشكلة، فهي واضحة في العيون التي ودّعت بلا رجعة، وفي القرى التي فرغت من شبابها، وفي الأمهات اللواتي ينتظرن أخبارًا لا تأتي.

البطالة المرتفعة، والفقر، وتدني جودة التعليم، والفساد الإداري، جميعها عوامل دفعت عشرات الآلاف للبحث عن كرامتهم خارج الحدود.


بين المسؤولية والحل

صحيح أن الدولة تتحمل القسط الأكبر من المسؤولية، لكن الجميع شركاء


الأسرة التي باتت تقيّم نجاح الأبناء بالهجرة لا بالاستقرار.


الإعلام الذي يصور الخارج كجنة، والوطن كجحيم.


المدرسة والجامعة التي لا تعلّم المهارات، بل تخرّج عاطلين بشهادات.

وحتى الشباب أنفسهم، بعضهم يُفضّل الهروب على المواجهة، ويستسلم لثقافة "ما فيش فايدة".



الحلول ممكنة... إذا أردنا أن نُصغي


مشاريع وطنية صغيرة تستهدف المناطق الفقيرة، وتشجّع ريادة الأعمال بدل انتظار الوظيفة.



 تحديث التعليم والتدريب المهني ليرتبط بسوق العمل المحلي والدولي.


 إصلاح إداري جذري لمحاربة الواسطة والمحسوبية.



منصات توعية واقعية تنقل الصورة كما هي: أن الهجرة غير الشرعية ليست "فرصة" بل مقامرة بالحياة.



استثمار في الإنسان قبل البنية التحتية: لا فائدة من الطرق والمباني إن بقي الإنسان مهمَّشًا.




ليست الهجرة في حدّ ذاتها مشكلة، فالهجرة حق إنساني، ولكن حين تصبح "غير شرعية"، وتُهدد الحياة، وتقوم على الخداع والوهم، تصبح مأساة.

"قوارب الأمل الضائع" ليست مجرد قوارب... بل هي مرايا تعكس فشلًا جماعيًا في احتواء شباب اختاروا الهروب بدل البقاء.

ربما آن الأوان لنعترف أن الحل ليس في إغلاق البحر... بل في فتح الأفق داخل الوطن

اضف تعليق

أحدث أقدم