كتبه: محمد اليماني
المرأة ليست نصف المجتمع كما يقال، بل هي الأصل والامتداد، هي الحنان حين يُجفف القسوة، وهي القوة حين تذبل الأرواح.
قال نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم: "رفقًا بالقوارير"، وهو وصفٌ بليغ اختاره ليرسخ في الأذهان أن المرأة كالقارورة؛ شفافة، رقيقة، جميلة، لكنها أيضًا قابلة للكسر إذا لم تُصن بحب ورفق.
المرأة كأم:
هي أول مدرسة وأول حضن وأول دعاء يُستجاب. حملتنا في بطنها تسعة أشهر، وسهرت الليالي على تعبنا وراحتنا، لا تكلّ ولا تملّ، وكل ما ترجوه نظرة رضا، أو كلمة شكر. رفقًا بها حين يشتدّ صراخ الأطفال، فهي لا تملك زرًا للصمت، لكنها تملك قلبًا لا يملّ من العطاء.
رفقًا بها وهي تُجهد نفسها لتعدّ الطعام، وتحافظ على نظافة البيت، وتتابع تعليم أولادها. لا تجعلوا تعبها فرضًا عليها، بل ردّوا لها المعروف بلين الحديث، ودعاءٍ في ظهر الغيب، وبسمة امتنان.
المرأة كزوجة:
ليست آلة تُعطي ولا تنتظر المقابل، وليست خادمة تؤمر فحسب. الزوجة سكن، كما وصفها الله، ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾.
رفقًا بها حين تتزين لك، فلا تمرّ مرور الكرام. رفقًا بها حين تتعب في إعداد تفاصيل يومك، فتقديرك كلمة طيبة ولمسة حنان.
رفقًا حين تُخطئ، فهي بشرٌ مثلك، لا معصومة ولا مثالية، والرجولة الحقة لا تكون في رفع الصوت، بل في احتواء الزلات.
المرأة في المجتمع:
هي الطبيبة، والمعلمة، والمربية، والمبدعة. من دونها، يختل التوازن. أعطت بصمت، وواجهت القيود، وتألقت في ميادين العلم والعمل. رفقًا بها حين تُهمّش، رفقًا بها حين تُقارن، رفقًا بها حين يُسلب منها صوتها وحقها في أن تُبدع وتُقرّر.
ليس الرفق بها ضعفًا، بل هو قمة القوة والوعي.
ختامًا:
"رفقًا بالقوارير" ليس مجرد حديث، بل منهج حياة. هو دعوة للإنسانية أن تتعامل مع المرأة بعين التقدير، لا بنظرة الاستعلاء. فالمرأة ليست فقط من نعيش معها، بل هي من تمنح للحياة طعمها، ومعناها.
فلنكن ممن يُكرمون النساء قولًا وفعلًا، فكما قال عليه الصلاة والسلام:
"خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي."
إرسال تعليق