بقلم: محمد طارق
في زمن كثرت فيه الشعارات وقلّت فيه الفِطنة، ظهر علينا صنف من الناس يتبنى التدين لا كمنهج حياة راقٍ، بل كقناع يُخفي وراءه جهلًا بالنص، ونفاقًا في السلوك. وبين من يرفعون راية الدين شكليًا، ومن يُقصون الآخر باسم "الحق"، يتجلى خطر التشدد الديني، تلك الظاهرة التي تُفرغ الدين من جوهره، وتُشوّه صورته في العقول والقلوب.
■ ما هو التشدد الديني؟
يُعرف التشدد الديني بأنه التمسك المفرط والمتطرف بتفسير ضيق للنصوص الدينية، دون مراعاة مقاصد الشريعة، أو ظروف العصر، أو التنوع الإنساني.
ووفقًا لتقارير صادرة عن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، فإن "التشدد لا يمثل جوهر الإسلام، بل هو انحراف عن الوسَطية التي دعا إليها القرآن الكريم، وسار عليها النبي محمد ﷺ وأصحابه".
■ منبع التشدد: جهل أم نفاق؟
> ❖ الجهل: من أكثر أسباب التشدد انتشارًا. كثير من المتشددين لا يمتلكون علمًا شرعيًا راسخًا، وإنما اعتمدوا على فتاوى مجتزأة أو تفسيرات مشوهة لآيات وأحاديث. وقد قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
"لو سكت من لا يعلم، لسقط الخلاف".
> ❖ النفاق الديني: وهنا الكارثة الأكبر... حين يتحول الدين إلى وسيلة لتحقيق مصالح دنيوية أو لاكتساب سلطة اجتماعية أو سياسية. المتشدد المنافق يُظهر الورع، ويُبطن الكِبر، يُدين الناس على ذنوبهم، بينما يُخفي فساده في الظلام.
وقد حذّر النبي ﷺ من ذلك بقوله:
"أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان" – (رواه أحمد)
■ سمات المتشدد
1. يحكم على الآخرين بسهولة.
2. يُقصي المختلفين فكريًا أو مذهبيًا.
3. يركز على الشكل دون الجوهر (اللباس، العبارات... إلخ).
4. يدّعي امتلاك الحقيقة المطلقة.
5. يتجاهل روح التسامح والرحمة في الدين.
■ الفرق بين المتدين الحق والمتشدد
المتدين الحقيقي المتشدد الديني
يتواضع في فهم الدين يتعالى على الناس باسم الدين
يرحم ويستر ويعفو يُدين ويُشهّر ويُقصي
يبحث عن إصلاح النفس يبحث عن محاكمة الآخرين
يوازن بين النص والواقع يُلغي العقل والتأويل
■ آثار التشدد على المجتمع
تفكك اجتماعي بسبب خطاب الكراهية.
نفور الشباب من الدين لما يرونه من تناقض.
تشويه صورة الإسلام في الإعلام العالمي.
تحول الدين إلى أداة سياسية أو اقتصادية.
■ الدين لا يُؤخذ من المتشددين
جاء في القرآن الكريم:
> "وكذلك جعلناكم أمة وسطًا" – [البقرة: 143]
وهو تأكيد إلهي على أن الاعتدال هو جوهر الإسلام.
كما قال الإمام الغزالي:
> "من لم يتسع فقهه لمقاصد الشريعة، ضاق صدره عن رحمة الله".
■ الختام: من يدّعي الإيمان عليه أن يتحلى بالرحمة
الدين ليس أداة لتكفير أو ازدراء، بل طريق للهداية والسلام. ومن أحبَّ الله حقًا، سعى لنشر الرحمة، لا للتسلط على رقاب العباد. أما من لبس ثوب الدين ليخفي جهلًا أو نفاقًا، فقد خسر الدنيا والدين.
> الوسطية ليست ضعفًا، والتسامح ليس تنازلًا، بل هو فهم عميق للدين كما أنزله الله، لا كما يريده المتشددون.
مقال رائع رائع رائع احسنت و بالتوفيق و النجاح علي طول 👏👏💟
ردحذفإرسال تعليق