كتبت عباسه مصطفى
جبل مرة ذلك العملاق الاخضر الذي يعتلي صدر دارفور في شموخ وعزة مثل زمردة يانعة تزين جيد حسناء ممشوقة القوام .
تغنى بسحره الراحل خليل اسماعيل والحاضر ابوعركي البخيت وتمايلت الكتوف طربا والناس تنشد " لو شفت مره جبل مره يعاودك حنين طول السنين تتمنى تاني تزورو مره...لوحة فنان تنسي الاحزان... ونسجت حوله ابيات ونصوص وحكاوي توصف جماله الفريد.
وجبل مرة العاتي الممتد تختبئ بين جنباته وعند سفوحه ومنحنياته واوديته وشلالاته قصص شعب الفور العظيم المسالم الذي قدم نموذجا رائعا عبر التاريخ الطويل للمحبة والسلام والعطاء والاخلاق الرفيعة والتدين وكسوة الكعبة المشرفة ورواق الفور بالازهر الشريف واللوح والدواية .
الفواكه الطبيعية الطازجة والخضروات الخالية من الاسمدة والاشجار السامقة حد السماء وخرير المياة التي تنبع من عمق الجبل وسحر الطبيعة الخلابة التي لم تمتد اليها يد البشر والاجواء الممطرة والرطبة والمعتدلة طول العام ...كل ذلك يميز هذا الجبل البركاني عن غيره.
لم يستمتع كثير من اهل السودان برؤية جبل مره او زيارته حيث يختبئ الجبل العظيم بعيدا وتغرب شمس السودان عنده وتسببت الحرب في دارفور في عزل جبل مره واهله عن الوطن في رحلة غربة اضطرارية بعدما كانت وعورة الطريق تعزله عن سودان ماقبل الحرب.
ضج العالم وتناقلت وسائل الاعلام المحلية والدولية والاسافير الالكترونية بالخبر الحزين قبل عدة ايام " الارض تبتلع قرية "ترسين" بجبل مرة بالكامل...ترسين توقظ العالم....كارثة جبل مرة ....انزلاق ارضي بجبل مرة يؤدي لوفاة الف شخص بقرية ترسين بجبل مرة ..ترسين تهز ضمير العالم ...الطبيعة تقسو على قرية ترسين ومن فيها ...نجاة واحد من الف ساكن بقرية ترسين ..تبارت الصحف في انتقاء عنوان الخبر المفجع ..وبدأت الاخبار تغالط بعضها مابين مصدق ومكذب.
انهالت التعازي من الدول الصديقة والشقيقة تنعى لنا فقدنا الجلل وتودع الضحايا وانطلقت التحذيرات من تكرار الانزلاقات الارضية بالجبل الاشم وتظل الحقيقة العارية ان هذا الكنز السوداني العظيم ظل ضحية اهمال الدولة التي لم تهتم يوما وفي كل العهود بتقديم خدماتها لمن سكن هذا المكان الرائع وتركتهم للطبيعة يعيشون حياة بدائية ويبدو ذلك جليا في مساكنهم وسبل حياتهم وهاهي الطبيعة تفتح الجرح القديم وتلفت النظر لجبل مره مرة اخرى
إرسال تعليق