مأزق انتخابات مجلس النواب فى مرحلتيه الاولى والثانيه

المشاهدات الفعلية للخبر 👁 Flag Counter





     كتب/ محمد مصيلحى 


"أخشى أن يظل البرلمان القادم، حتى بعد التدخل الرئاسي واعادة التصويت في ١٩ دائرة، غير ممثل لإرادة الشعب،  ومعيبا فى نظر الناس، وهذه هي الأسباب   


الواضح أن رسالة السيد رئيس الجمهورية إلى الهيئة الوطنية للانتخابات لاقت ارتياحا فى البلد لتناولها مخالفات انتخابية كانت محل امتعاض الناس طوال الأسبوعين الماضيين، خاصة بعد أن قررت الهيئة اعادة التصويت في تسعة عشر دائرة.


ولكن هل ستنجح هذه التطورات المفاجئة والمتلاحقة فى وضع الانتخابات على مسارها الصحيح أو تحسين صورة البرلمان القادم فى أذهان الناس؟ 

وهل ستحقق هدف الكشف عن إرادة الناخبين كما وجه السيد الرئيس؟


للأسف لا أظن ذلك. 

بل أخشى أن يظل البرلمان القادم، حتى بعد هذا التدخل، غير ممثل لإرادة الشعب، وأن يظل معيبا فى نظر الناس،

 وذلك للأسباب التالية:


أولا، أن العيب الأساسى فى تشكيل المجلس هو نظام القائمة المطلقة الذى يلغى مفهوم الانتخاب من الأصل، ويستغنى عن إرادة الشعب، ويستبدل بها اتفاقات ومساومات لتشكيل قائمة واحدة لا يحتاج أعضاؤها لانتخابات ولا لناخبين. وهذا لم يتغير.


ثانيا، أن إعادة التصويت فى ١٩ دائرة لن يحسن كثيرا من رؤية الناس للبرلمان القادم أو يغير اعتقادهم بأن التجاوزات الانتخابية كانت السمة الغالبة فى معظم الدوائر.


ثالثا، أن وضع الهيئة الوطنية للانتخابات صار محرجا. فهى هيئة مستقلة بحكم القانون، ولكنها لم تحرك ساكنا حيال المخالفات الظاهرة إلا بعد إعلان السيد رئيس الجمهورية عن موقفه. وهذا التراخى أساء لها وانتقص من مصداقيتها.


رابعا، أن الواضح أننا لسنا بصدد تجاوزات بسيطة، بل مخالفات جسيمة. ولو لم تكن كذلك لما استدعت تدخل أعلى سلطة فى البلد. فهل ينتهى الأمر بمجرد إعادة التصويت فى بعض الدوائر، أم أن هناك تحقيقات مطلوبة، وكشف عن مصادر الأموال المدفوعة، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الفوضى؟


وخامسا، إن قرار الهيئة بإعادة التصويت فى ١٩ دائرة لن يضع نهاية للتنازع بشأن المخالفات التى وقعت لأنه قرار إدارى، قابل للطعن عليه قضائيا، ما يعنى أن الملف لن يُحسم بسرعة أو بسهولة.


على الجانب المقابل، فقد تابعت المطالبات بعدم الاكتفاء بإعادة التصويت فى بضع دوائر فقط وإنما إلغاء الانتخابات التى جرت كلها، بما فيها مجلس الشورى. وبرغم أن هذا مطلب منطقي فى ظل ما أصاب النظام الانتخابى من عوار، إلا أننى لا أتفق معه لسببين: الأول أن تنفيذه يعنى دخول البلد فى أزمة دستورية بالغة التعقيد ولا نحتاجها الآن. والثانى أن إجراء انتخابات جديدة وفقا للقانون السارى ونظام القوائم المطلقة لن يؤدى لنتيجة أفضل نظرا لأن العيب الأساسى - كما سبق القول - فى النظام الانتخابى وليس فى مخالفات التصويت.


ما العمل إذن فى هذا الوضع الشائك؟ فلا مجرد إعادة التصويت فى الدوائر التسع عشرة سيكون كافيا، ولا إلغاء الانتخابات السابقة كلها ثم تكرارها وفقا لذات القانون سيكون مفيدا، ولا السكوت على الوضع السابق مقبول لأن مصر تستحق حياة حزبية ونيابية حقيقية.


الخروج من المأزق الحالى ضرورى وقد يكون ذلك ببعض التحسين والضبط، ولكن يجب أن يظل هدفنا هو برنامج إصلاح سياسى ونيابى يتضمن العدول عن نظام القائمة المطلقة، وإطلاق حرية العمل الحزبى، ومحاربة الرشاوى الانتخابية. وعندئذ قد يعود البرلمان قادرا على القيام بمهمتى التشريع والرقابة على النحو المطلوب.

اضف تعليق

أحدث أقدم