بقلم ايمان عوض
يبدو أن التاريخ سيخط بقلمه سطوراً محفورة في تاريخ مصر السياسي بدأها بيان بيان السيد رئيس الجمهورية أمس الغير مسبوق، والذي تصدر المشهد السياسي بتأكيد سيادته على التزام الدولة المطلق بنزاهة العملية الانتخابية وسلامة الإرادة الشعبية، مدفوعاً بحرص القيادة السياسية على حماية الدستور والثقة التي اهتزت و أن لا أحد فوق القانون.
بدأت القصة بهزة عنيفة في دائرة المنتزة بالإسكندرية، حيث وثّق المرشح أحمد فتحي عبد الكريم بفيديو حي ومباشر فضيحة من العيار الثقيل قاضٍ يفتح صناديق الاقتراع ويمارس "العبث بالأصوات" قبل انتهاء وقت التصويت الرسمي.
ولم يكن أحمد فتحي وحده، ففي القاهرة أعلنت المرشحة نشوى الديب انسحابها من دائرة المنيرة والجيزة، مرجعةً السبب إلى "انعدام النزاهة" التي لا يمكن السكوت عنها.
وفي دائرة أبو حمص التابعة لمحافظة البحيرة، كشفت النتائج عن تضخم غامض في الأصوات بأكثر من 100 ألف صوت عن المحاضر الرسمية، مما فتح الباب واسعاً أمام شبهات التلاعب الممنهج.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، فتقارير الأحزاب توالت لتؤكد رصْد حالات رشوة بلغت قيمة الصوت فيها 500 جنيه، وتوزيع كراتين غذائية وحشد الناخبين بالأتوبيسات، بينما تعرّض مرشح دائرة التجمع للاعتقال المؤقت بسبب شكواه.
وهي وقائع تندرج تحت جرائم الرشوة والتزوير المنصوص عليها في المواد من 58 حتى 63 من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية رقم 45 لسنة 2014.
جاء رد الهيئة الوطنية للانتخابات حاسماً بعد التوجيه الرئاسي، حيث استندت الهيئة في سلطتها للتحقيق والإحالة إلى المادة 28 من قانون الهيئة الوطنية للانتخابات رقم 198 لسنة 2017، التي تمنح رئيس وأعضاء الهيئة صفة الضبط القضائي للتعامل مع تلك الجرائم.
فبعد أن صرحت في مؤتمرها الأول على سلامة الإجراءات، أعلنت في مؤتمر رسمي عُقد اليوم (الثلاثاء 18 نوفمبر) نتيجة فحص الطعون والتحقيقات.
إذ صرح المستشار حازم بدوي، رئيس الهيئة، بأن الهيئة رصدت مخالفات وخروقات "تمثل عيوباً جوهرية تنال من نزاهة ومشروعية عمليتي الاقتراع والفرز".
وبناءً عليه، أصدر مجلس إدارة الهيئة قراره التاريخي بإبطال وإلغاء نتائج الانتخابات في 19 دائرة فردية ضمن 7 محافظات خاضت المرحلة الأولى، وتحديد موعد لاحق لإجراء الانتخابات فيها مجدداً.
وشملت المخالفات التي استوجبت هذا الإلغاء خروقات في العملية الانتخابية أمام لجان الاقتراع، وعدم تسليم المرشح أو وكيله صورة من محضر حصر الأصوات، ووجود تفاوت واضح في عدد الأصوات بين اللجان الفرعية واللجان العامة.
هذا القرار يجسد السيناريو "الإلغاء الجزئي" الذي كان متوقعاً في الدوائر التي ثبت فيها تجاوزات أثرت جوهرياً على الإرادة الشعبية، بما يضمن الردع العام وتطبيق القانون بموجب صلاحيات الهيئة التشريعية.
و على إثر ذلك ، حددت الهيئة موعد جديد لإجراء الجولة الأولى في الدوائر الملغاة (الـ 19 دائرة) أيام 1 و 2 ديسمبر في الخارج و3 و 4 ديسمبر في الداخل، على أن تُعلن نتيجتها في 11 ديسمبر.
و أخيراً فيجب التنويه أن بهذا القرار، تؤكد الهيئة الوطنية للانتخابات التزامها الكامل وتلبية للتوجيه الرئاسي بضرورة اتخاذ القرارات "التي ترضي الله وتكشف بأمانة عن إرادة الناخبين الحقيقية".


إرسال تعليق