رحيل السندريلا سقوط ام انتحار … ملف لم يُغلق

المشاهدات الفعلية للخبر 👁 Flag Counter





بقلم الاعلامية/ نهي القط 

تمرّ السنوات وتظل قصة وفاة الفنانة سعاد حسني واحدة من أكثر القضايا غموضًا في تاريخ الفن العربي بل يمكن اعتبارها من الملفات التي لم تُطوَ نهائيًا سواء جماهيريًا أو إعلاميًا .

ففي 21 يونيو 2001، اكتشف سكان إحدى بنايات حي "مارليبون" الراقي في لندن جثمان السندريلا أسفل شرفتها، لتبدأ بعدها واحدة من أطول القضايا وأكثرها إثارة للجدل في الأوساط العربية.

ورغم صدور بيانات رسمية بريطانية تؤكد أن الوفاة ناتجة عن السقوط من شرفة الطابق السادس إلا أن الغموض الذي أحاط بالحادث وغموض تفاصيل الساعات الأخيرة

 وتضارب الشهادات فتح الباب واسعًا أمام نظريات كثيرة ما بين الانتحار والحادث العرضي، وصولًا إلى فرضية الشبهة الجنائية.

في هذا التحقيق المطوّل نعرض جميع الآراء والشهادات والفرضيات كما ظهرت في الإعلام وعلى لسان أسرتها والمقربين منها، في محاولة لرسم صورة شاملة لما جرى في ذلك اليوم.

الساعات الأخيرة:

رحلة علاج انتهت بشكل مأساوي

كانت الفنانة سعاد حسني تقيم في لندن خلال الأشهر الأخيرة من حياتها بهدف استكمال علاج لآلام الظهر ومشاكل صحية متراكمة كما كانت تخضع لنظام علاجي مكثف لإنقاص وزنها وتستعد وفق شهادات مقربين للعودة إلى القاهرة بعد تحسن حالتها.

في يوم الحادث كانت تتواجد داخل شقتها، ويُقال إنها أجرت اتصالات هاتفية مع عدد من الأشخاص ومن بينهم أسرتها في مصر. تلك الاتصالات بحسب روايات أسرتها لم تُظهر أي تغير في حالتها النفسية.

ومع حلول المساء عُثر على الجثمان أسفل البناية ليبدأ فصل جديد من الجدل لا يزال ممتدًا حتى اليوم.

الرواية الأولى: الانتحار

 بين الصحة النفسية والضغوط

نُشرت تقارير إعلامية عديدة في وقت الحادث رجّحت أن الفنانة قد تكون أنهت حياتها بنفسها.

واعتمد أصحاب هذه الفرضية على عدة عناصر:

 معاناة صحية شديدة أبرزها الانزلاق الغضروفي الذي أثّر على قدرتها على الحركة.

مرحلة نفسية صعبة نتيجة البعد عن بلدها وغياب الأضواء.

ضغوط مالية ومعيشية قيل إنها واجهتها خلال فترة الإقامة في لندن.

هذه العوامل وفق وجهة النظر هذه، ربما دفعتها للشعور باليأس والقيام بقفزة من شرفة الطابق السادس.

لكن هذه الرواية واجهت اعتراضات قوية من جانب أسرتها ومحبيها الذين أكدوا أن سعاد حسني لم تكن تعاني اكتئابًا شديدًا بل كانت تتحدث عن مشاريع مستقبلية.

الرواية الثانية: السقوط العرضي

 احتمال منطقي أم تهدئة للجدل؟

فريق آخر يضم بعض أصدقائها المقربين يرفض تمامًا فرضية الانتحار، ويرى أن ما حدث كان سقوطًا غير مقصود.

ويستند هؤلاء إلى:

 تحسن حالتها النفسية قبل الحادث، واستعدادها للعودة إلى القاهرة.

مشاكل الظهر الخطيرة التي قد تجعلها تفقد توازنها بسهولة.

احتمال أن تكون كانت تنقل أغراضًا أو تقف على حافة الشرفة أثناء ترتيب أغراض السفر.

-هذه الرواية تُعتبر منطقية بالنسبة للبعض، لكنها لا تملك أدلة نهائية حاسمة أيضًا، خاصة مع غياب رواية بريطانية واضحة حول تفاصيل دقيقة من مسرح الحادث.

الرواية الثالثة: شبهة جنائيه أصابع اتهام بلا أدلة

ظلت عائلة الفنانة مصرة لسنوات طويلة على أن وفاتها تحمل “ملامح جنائية”.

وتستند الأسرة إلى عدة عناصر روتها وسائل الإعلام، أهمها:

اختفاء بعض المتعلقات الشخصية للفنانة بصورة غير مبررة.

عدم توافق أشكال السقوط مع رواية الانتحار أو السقوط العرضي وفق كلام محامين تابعوا القضية.

آخر اتصال أجرته مع أسرتها كان يُظهر أنها في حال جيدة ولا تفكر في إيذاء نفسها.

 غموض في كيفية نقل الجثمان والترتيبات التي تمت بعد الحادث.

-ومع ذلك، لم تُظهر التحقيقات البريطانية أي دليل مباشر يشير إلى وجود جريمة قتل.

تقارير بريطانية لم تُغلق القضية… لكنها لم تُحسمها

وفقًا للتقارير القانونية التي صدرت في ذلك الوقت لم تُثبت الشرطة البريطانية وجود تدخل خارجي لكنها أيضًا لم تقدّم تفسيرًا كاملاً عن كيفية السقوط.

غياب الشهود المباشرين وغياب كاميرات مراقبة في المنطقة وقتها جعلا القضية تعتمد بالكامل على الترجيح وليس على الأدلة القاطعة.

وهذا ما أبقى الباب مفتوحًا أمام كل الروايات.

إرث فني لا يمحو الغموض والغموض لا يمحو الإرث

رحلت سعاد حسني تاركة خلفها مسيرة فنية استثنائية امتدت لعقود، وقدمت خلالها عشرات الأعمال التي جمعت بين الدراما والرومانسية والكوميديا.

لكن المفارقة أنها رغم وضوح مسيرتها الفنية رحلت في حادث غارق في الغموض.

ومع مرور الزمن لم يُمحَ هذا الغموض من الذاكرة بل أصبح جزءًا من قصة حياة سندريلا الشاشة قصة تختلط فيها الأضواء بالظلال والنجاح بالمعاناة والحقيقة بالتساؤلات.

خاتمة: ملف مفتوح ينتظر كلمة الفصل

تبقى وفاة سعاد حسني واحدة من أشهر القضايا التي لم يُكشف غموضها بعد، ليس فقط لأنها فنانة كبيرة لها جماهيرية ضخمة بل لأن التفاصيل المحيطة برحيلها تحمل عناصر تجعل أي محاولة لحسم الرواية تبدو ناقصة.

وبين انتحار محتمل وسقوط عرضي وشبهة جنائيةتبقى الحقيقة غائبة وربما لن تظهر أبدًا.

لكن ما يبقى مؤكدًا هو أن سعاد حسني ستظل إحدى أهم نجمات السينما العربية، وأن لغز رحيلها سيظل حاضرًا في ذاكرة الجمهور ينتظر كلمة واحدة قد ق ما حدث في تلك الليلة البعيدة .

اضف تعليق

أحدث أقدم