بقلم / أحمد عطية السيد
في عالم مليء بالضغوط والتوقعات، نواجه أحيانًا مواقف تجعلنا نشعر بالضياع وسط الأفكار المتضاربة والمشاعر الغامرة. تتكون حياتنا من مراحل مختلفة، نختبر فيها الفرح و الحزن، النجاح والإحباط، الحب و الخذلان. ولكن في نهاية كل مرحلة، نصل إلى لحظة نقف فيها أمام أنفسنا ونتساءل: هل نحن حقا الضحايا أم أن هناك جوانب أخرى للحقيقة التي لم ندركها بعد؟ في هذه الرحلة، نجد أنفسنا نعيد تقييم علاقاتنا و مواقفنا، ونبحث عن السلام الداخلي و التقبل الذاتى.
في نهاية كل مرحلة من حياتي، ومع كل خذلان وكذبة واجهتها، أدركت أنني لست الضحية التي اعتقدت أنني عليها. لقد أحبوني حقًا و أكرموني، لكن في نفس الوقت جعلوني أتساءل: أين أنا من كل هذا؟ هل كنت أصمَّ عن سماع الحقيقة؟ هل كنت أعجز عن الرد على ما يحدث من حولي؟
الحقيقة هي أنني لم أكن كذلك. لكنهم دفعوني إلى نسيان نفسي، إلى درجة أشعرتني بالضعف وعدم القدرة على الرد عليهم. في تلك اللحظات، كان عقلي يخرج لي تلك الجملة التي تريحني: "إنهم ليسوا كما تراهم، أنت المخطئ". كم من مرة تجاهلت وعودهم الباهتة وطموحاتهم المدمرة وأحلامهم الفارغة التي تزدحم في عقولهم إلى حد أنهم لا يعرفون ماذا يريدون حقًا.
كانوا يعيشون في منطقة اللا وعي، حيث يجدون الأمان فيها، تلك المنطقة التي لا يصلها أشباه الصم والبكم الذين يتحدثون مثلي. يتظاهرون بأنهم يفهمون ويدرسون أنفسهم، ويسعون لغرس الثقة فيها. لكن، أي ثقة يمكن أن تُزرع في نفسٍ قد أرهقها العالم؟
بعد كل ذلك، هل تريد منها أن تحارب العالم لتزرع فيها الثقة؟ أرجوك، كف عن ذلك. بدلاً من ذلك، ارحمها وتقبلها كما هي. امنحها الفرصة لتجد سلامها الداخلي بعيدًا عن الضغوطات والانتقادات. إن أعظم هدية يمكنك أن تقدمها لنفسك وللآخرين هي الرحمة والتقبل، وبهما فقط يمكننا أن نحقق السلام الداخلي ونتعايش بصدق مع أنفسنا.
في نهاية المطاف، لا تتطلب الرحمة والتقبل من الآخرين أي جهد عظيم، لكنها تمنحنا السكينة والرضا الحقيقي. لنتعلم أن نتقبل أنفسنا ومن حولنا، لنبني مجتمعات أكثر تفهمًا ودعمًا لبعضها البعض.
---
إرسال تعليق