ذاكرة منسية: ألعاب الطفولة التي لم تصل إلى أبنائنا

المشاهدات الفعلية للخبر 👁 Flag Counter

 










كتب محسن محمد 


في أزقة الحارات، وتحت شمس الظهيرة، كنا نركض بلا هدف سوى المتعة. "الغمّيضة"، "سبع حجرات"، "الكورة الشراب"، "الاستغماية"، وصرخات الفرح تتعالى في كل زاوية. لم تكن هناك شاشات، ولا إنترنت، ولا كهرباء أحيانًا، لكن كانت أرواحنا ممتلئة، وقلوبنا دافئة، وذكرياتنا حيّة.


أما اليوم، فكل شيء تغيّر. اختفت الألعاب، وسكتت الحارات، وتحوّل اللعب إلى جلسة صامتة أمام جهاز لوحي. الطفل لا يعرف كيف يصنع لعبة من عصا، أو كيف يضحك رغم الفقر، أو كيف يبتكر مغامرة من خيال بسيط. كل شيء صار جاهزًا… لكنه بلا روح.


لقد سرقنا من أبنائنا أجمل ما عشناه، دون أن ندرك. لم ننقل لهم حكايات لعبنا، ولا طرقنا في الاختلاف والتصالح، ولا مهاراتنا في صنع الفرح من اللاشيء. تركناهم في عالم مملوء، لكنه فارغ من الطفولة الحقيقية.


ألعابنا القديمة لم تكن مجرد تسلية، كانت تربية. كنا نتعلم الصبر، والتفاوض، والقيادة، والعمل الجماعي. كنا نخطئ، ونعتذر، ونُعاقب، ونتعلّم. أما اليوم، فالطفل يضغط زر "إعادة تشغيل"، دون أن يمرّ بتجربة حقيقية تؤثر في شخصيته.


أيها الآباء،

لا تستهينوا بلعبة بسيطة من الماضي. أعيدوا إلى أبنائكم بعضًا من طفولتكم. ارووا لهم حكاياتكم، وشاركوهم ألعابكم، واسمحوا لهم أن يركضوا ويتّسخوا ويتألموا ويضحكوا. فالطفولة ليست في ما نملك، بل في ما نعيشه.


ربما لن تعود تلك الأيام كما كانت، لكن يمكننا أن نترك أثرها في قلوب أبنائنا، كي لا تنقطع الذاكرة… ولا تنطفئ البهجة

اضف تعليق

أحدث أقدم