كتب محسن محمد
في عصر السرعة الرقمية وتزاحم المحتوى، تمرّ القضايا الكبرى أمام أعيننا كما تمرّ الإعلانات الترويجية؛ لا تثير فينا الكثير من الانتباه، ولا تدفعنا إلى وقفة تأمل أو موقف. أصبحت المآسي مجرد "ترند"، تنال حظها من التفاعل المؤقت، ثم تُنسى في زحام الأحداث.
يحدث أن نقرأ عن كارثة طبيعية تودي بحياة المئات، أو عن أزمة إنسانية تطال الآلاف، أو عن انهيار منظومة تعليمية أو صحية في بلدٍ ما، فنمنحها "إعجابًا"، أو نشاركها في حالة سريعة، ثم نتابع تصفّح المقاطع الترفيهية، وكأن شيئًا لم يكن.
هذه الظاهرة، التي يمكن وصفها بـ"اللامبالاة الجماعية"، لم تعد مجرّد سلوك فردي، بل تحوّلت إلى نمط متكرر يشير إلى تحوّل عميق في وجدان المجتمعات. إنها ليست فقط مشكلة وعي، بل أزمة ضمير.
فالمجتمع الذي يعتاد مشهد الألم دون أن يتأثر، هو مجتمع مهدد بفقدان إنسانيته. حين يُختزل الظلم في خبر عابر، وتُختصر الدماء في لقطة شاشة، ويفقد الحزن مكانه في القلوب، فإننا نكون قد خسرنا شيئًا جوهريًا من إنسانيتنا.
ما نحتاج إليه اليوم، ليس فقط إعادة النظر في طريقة استهلاكنا للأخبار، بل استعادة قدرتنا على التفاعل الإنساني الحقيقي. أن نتذكّر أن خلف كل رقم ضحية، إنسان. وخلف كل أزمة، وجوه وأحلام وقصص تُروى.
قد لا نغيّر العالم، لكننا قادرون على أن نحافظ على يقظة قلوبنا. والضمير الحيّ هو بداية كل تغيير.
إرسال تعليق