كتب : محمد اليماني
في زمن بقى فيه الخير تجارة، ظهرت الجمعيات الخيرية اللي بتلبس لبس الملائكة وهي من جواها ذئاب بتاكل في لحم الناس باسم الصدقة والرحمة تلاقي جمعية تقولك هنزرع شجرة وهنوصّل صقية مية في قرية نائية وهنبني جامع في مكان محروم ونتبرع لمستشفى وكل الكلام اللي قلبه يرقله بس لما تدور وراهم تلاقي اللي بيزرع الشجرة مش لاقي ميّة يسقيها واللي وعدوا له بصقية لسه بيشيل الجركن على كتفه والجمعية نفسها بتكبر وتلم التبرعات وتصور فيديوهين تنزلهم للناس تقولهم شوفوا الخير اللي بتعملوه لكن في الحقيقة الخير راح كله في كراسي فخمة ومكاتب مكيفة وعربيات فارهة وسفريات للتمثيل لا للتنفيذ تلاقي الجمعية تطلع شيخ معروف أو واحد لابس عمامة يتكلم عن أجر التبرع وعظمته وإنك تبنيلك بيت في الجنة بعشرة جنيه بس وهم بيلموا ملايين ولا حتى عشرة آلاف منهم راحت للمحتاج فعلاً ولما تيجي تحاسبهم يقولك احنا في سبيل الله وبنشتغل لله والدنيا كلها شهيدة والواقع بيقول إن كل شهر في عربية جديدة وكل سنة في شقة أو أرض باسم واحد منهم تحت بند مصاريف تشغيلية ولا بند إداري مجهول الهوية الجمعيات دي بتتاجر في الخير الحقيقي اللي الناس فعلاً محتاجاه مستشفى فين؟ راح الدعم ومجاش التبرعات فين؟ راحت في حفلة تدشين والمريض لسه بينام في طرقة الجامع اللي اتبنى؟ معمول من أرخص الخامات ومافيهوش حتى حمام أما الجامع اللي فعلاً محتاجينه هناك في حتة ماوصلهاش حد لسه بيصلوا في الشمس الجمعيات دي بتكسب بسرعة وبتتستر بستار الدين والرحمة علشان تسوق وتسحب من الناس دمها بحجة إن ده أقرب طريق للجنة لكن الطريق ده معبّد بالضحك على الغلابة واستخدام الدين ككارت ضغط وأداة تسويق ووسيلة تسلق وأداة لتجميع الثروة على حساب اللي فعلاً محتاج اللي معندوش سقف ولا علاج ولا حتى لقمة تطمنه على بكرا الجمعيات الخيرية بقت فخ ناس كتير بتدخلوا وهي فاكرة إنها بتنقذ روحها لكنها في الحقيقة بتغذي كرش واحد قاعد في مكتب بينفخ في شاي النعناع وبيحلم بالعربية اللي جايه والفيلا اللي بعدها والدكان اللي هيفتحه لابنه وبنته ويكتب عليهم اسم الجمعية علشان يقولك ده مشروع من مشروعات الخير والناس تصدق وتتبرع أكتر ويبدأ السايكل من تاني من غير نهاية ولا حساب ولا حد بيسأل ليه الخير بقى تجارة والنية بقت رخصة للنصب والصدقة بقت سلم للثراء الشخصي كل ده بيحصل تحت مسمى الخير والحقيقة إن الخير بريء منهم ومن تجارتهم.
إرسال تعليق