كتب محسن محمد
في عالمٍ تُخدَّر فيه الحواس باسم التقاليد، وتُربّى النفوس على الطاعة أكثر من التفكير، يظهر "التمرد" لا كمجرد انفعال لحظي، بل كفعل وجوديّ يبحث عن المعنى وسط الزحام. إنه ليس خرقًا للقواعد بقدر ما هو مقاومةٌ للفراغ، ولا ثورة على الناس بقدر ما هو ثورة من أجل الإنسان.
التمرد... جذور وأشكال
التمرد ظاهرة إنسانية قديمة قدم الوعي. منذ أن تساءل الإنسان الأول عن النجوم، ومنذ أن رفض سقراط أن يصمت، ومنذ أن صاح المتنبي في وجه الزمان، والتمرد قائمٌ كأحد أوجه الحياة.
لكن التمرد ليس نزقًا عبثيًا، بل موقف فكري وأخلاقي، يتولّد من شعورٍ داخلي بأنّ هناك خللًا في الواقع، وأن الصمت عنه جريمة.
التمرد في حياتنا اليومية
نراه حين يرفض الموظف التملّق، وحين تُناقش الطالبة أستاذها، أو حين ترفض امرأة أن تذوب في ثقافةٍ لا تعبّر عنها.
إنهم لا يحاولون تدمير المجتمع، بل إيقاظه من سُباته الطويل.
ضريبة التمرد
في مجتمعاتنا، يُنظر للمتمرد بعين الريبة. يُعاقب بالعزلة، يُخوّن، يُتّهم بالجحود... مع أنه لم يفعل سوى أن اختار الصدق على المجاملة، والاختلاف على الاستسلام.
بين التمرد الأصيل والزائف
ليس كل من صاح متمردًا. فبعض "التمردات" مجرد صخب أجوف أو تقليد مراهق. أما التمرد الحقيقي، فيحمل حلمًا، ويصوغ بديلاً، ويبحث عن الحق لا الضجيج.
تناقضات مجتمعنا
نُطالب أبناءنا بالإبداع، ثم نغضب حين يخرجون عن المألوف. نُمجّد الثوار في الكتب، ثم نُخيف أول من يرفع رأسه. إنها مفارقة تحتاج إلى شجاعة مراجعة.
الطريق إلى تمرد ناضج: الحلول
التربية على السؤال لا الطاعة: لنربّي أبناءنا على النقد، لا على التلقين.
مساحات آمنة للتعبير: في البيت، والمدرسة، ووسائل الإعلام.
التمييز بين الرفض والتخريب: ليكن تمردنا بضمير، وعيننا على التغيير لا الصخب.
إعلامٌ لا يشيطن المختلف، بل يحتفي به كصوت بديل لا كخطر داهم.
أجمل التمردات ليست تلك التي تصرخ، بل التي تبني.
لا نريد شبابًا غاضبًا فقط، بل شبابًا غاضبًا وعيًا، يرفض ليُصلح، ويتمرد ليُضيء، لا ليحرق.
ممتاز جزاكم الله خيرا
ردحذفإرسال تعليق