عيدُ العمّال... يومٌ للاحتفاءِ باليدِ التي تبني الأوطان

المشاهدات الفعلية للخبر 👁 Flag Counter










كتب محسن محمد 


في الأول من مايو من كلّ عام، يقفُ العالمُ احترامًا وتقديرًا لملايين الرجال والنساء الذين ينهضون كلّ صباح حاملين أدواتهم، وعزيمتهم، ليصنعوا من العرقِ مستقبلًا، ومن الجهدِ حضارةً. إنه "عيدُ العمّال"، يومٌ لا يُحتفى فيه بالعطلة فحسب، بل يُحتفى فيه بالكرامة، بالإخلاص، وباليدِ التي تُعلي من شأنِ الأوطان.


ليس هذا اليوم مجرّد مناسبة رمزية، بل هو نتاج نضالات طويلة خاضها العمّال في وجهِ الاستغلال، من أجلِ حياةٍ كريمة، وأجورٍ عادلة، وساعاتِ عملٍ تحفظ للإنسان آدميته. وقد شهد التاريخ محطاتٍ ناصعة، مثل إضرابات شيكاغو عام 1886، التي كانت شرارة الإعلان عن هذا اليوم عالميًا، دافعًا لثوراتٍ تشريعية عدّلت قوانين العمل، وأرست مبادئ حقوق الإنسان في بيئة الإنتاج.


وفي عالمنا العربي، لا تزال قضايا العمال تشكل جزءًا أصيلًا من أجندة العدالة الاجتماعية. من العامل الزراعي في الحقول، إلى المهندس في المعمل، إلى عاملة النظافة في الشارع، الكل يسهم في دورة الحياة، ويستحق أن يُمنح ما يكافئ جهده من أمانٍ وظيفي، وتأمين صحي، وتقدير اجتماعي.


إن الاحتفاء بعيد العمال ينبغي ألّا يكون مجرّد كلماتٍ تُقال في خطبٍ رسمية، بل التزامًا سياسيًا وأخلاقيًا بتحسين شروط العمل، والارتقاء بثقافة التقدير المجتمعي للجهد اليدوي، وإعادة الاعتبار للمهن التي تُهمل في مجتمعاتنا تحت وطأة التصنيفات الطبقية.


فلنرفع قبعات الاحترام لكلّ من يعمل بضمير. لأولئك الذين يبنون الطرق، ويزرعون الأرض، ويقفون خلف الآلات، دون أن يعرفهم أحد. لهم وحدهم يُقرع الجرس كل عام في الأول من مايو، لا ليُوقظهم من نومهم، بل ليقول لهم: "شكرًا... أنتم عمادُ الوطن".

اضف تعليق

أحدث أقدم