سعاد حسني.. السندريلا التي لا تغيب عن الذاكرة

المشاهدات الفعلية للخبر 👁 Flag Counter




بقلم / كريم السيد



تعتبر سعاد حسني أيقونة فنية مصرية وعربية، وتركت بصمة لا تُنسى في قلوب جمهورها لا تزال أعمالها الفنية تُعرض وتُشاهد حتى اليوم، ويُحتفى بها كواحدة من أبرز فنانات جيلها 

تعتبر "سندريلا الشاشة" رمزًا للجمال والأناقة والموهبة الفنية فهي لم تكن فقط نجمة متألقة، بل صوت جيل بأكمله، جسدت من خلاله قضايا المجتمع والمرأة، وقدّمت فنًا راقيًا باقٍ رغم الغياب. 



وُلدت سعاد محمد حسني البابا في 26 يناير 1943 بحي بولاق في القاهرة، لأسرة كبيرة مكونة من 17 أخًا وأختًا، من بينهم الفنانة نجاة الصغيرة. كان والدها محمد حسني خطاطًا شهيرًا، وله تأثير ثقافي في البيت.


اكتشف موهبتها الشاعر والمخرج عبد الرحمن الخميسي، الذي أسند إليها دورًا في مسرحيته "هاملت"، ثم قدمها المخرج هنري بركات في فيلم "حسن ونعيمة"، الذي انطلقت منه إلى النجومية، لتصبح خلال سنوات قليلة أحد أهم وجوه الشاشة الفضية في مصر والعالم العربي.



امتدت مسيرة سعاد حسني ما بين عامي 1959 و1991، وقدّمت خلالها نحو 91 فيلمًا، معظمها من بطولتها المطلقة. وتميّزت بقدرتها على أداء الأدوار الدرامية والاجتماعية والكوميدية، بل وأجادت الغناء والاستعراض، ما جعلها فنانة شاملة بحق.


من أبرز أفلامها:


الزوجة الثانية (1967) – قدمت فيه شخصية الفلاحة البسيطة التي تواجه السلطة.


صغيرة على الحب (1966) – مزجت فيه بين الطفولة والمرح والتمثيل.


القاهرة 30 (1966) – عمل سياسي اجتماعي عن فساد الحقبة الملكية.


الكرنك (1975) – أحد أهم أفلام الحقبة السياسية ما بعد النكسة.


خلي بالك من زوزو (1972) – الفيلم الذي استمر عرضه أكثر من عام.


الراعي والنساء (1991) – آخر أفلامها، بطولة مشتركة مع أحمد زكي ويسرا.



سعاد لم تكن مجرد ممثلة تؤدي دورًا، بل كانت تذوب في الشخصية حتى تُصبح هي، لذلك ارتبط الجمهور بها عاطفيًا وشعبيًا.



نالت سعاد حسني خلال مشوارها الفني العديد من الجوائز والتكريمات، من بينها:


تكريم من الرئيس أنور السادات عام 1979 في عيد الفن.


اختيارها ضمن أفضل 10 ممثلات في استفتاء مئوية السينما المصرية عام 1996، واحتلت المركز الثاني بعد فاتن حمامة.


تم إدراج 8 أفلام من بطولتها في قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وهو رقم قياسي لم تصل إليه أي فنانة أخرى باستثناء فاتن حمامة.




مرت سعاد حسني بتجارب زواج متعددة، من بينها زواجها من المخرج علي بدرخان، والمخرج صلاح كريم، كما ارتبط اسمها بعلاقة غير مؤكدة رسميًا مع المطرب الراحل عبد الحليم حافظ. وكان زوجها الأخير هو السيناريست ماهر عواد، الذي ظلت على ذمته حتى وفاتها.


ورغم النجاح الكبير فنيًا، إلا أن حياتها الخاصة لم تخلُ من المعاناة والضغوط النفسية، خاصة في سنواتها الأخيرة.



في أواخر الثمانينيات، بدأت حالتها الصحية بالتدهور، نتيجة مشاكل في العمود الفقري، مما دفعها إلى الابتعاد عن التمثيل والعزلة. سافرت إلى لندن لتلقي العلاج، وهناك، وفي يوم 21 يونيو 2001، صُدم الوسط الفني بخبر وفاتها إثر سقوطها من شرفة شقتها في مبنى "ستوارت تاور".


وقد تضاربت الأقاويل حول أسباب الوفاة، بين من رجّح فرضية الانتحار نتيجة الاكتئاب، ومن ألمح إلى القتل المتعمد بسبب أسرار سياسية أو فنية. ورغم مرور أكثر من 20 عامًا، لا تزال ملابسات وفاتها لغزًا غامضًا لم يُحسم حتى الآن.



رحلت سعاد حسني، لكن أعمالها ما زالت تُعرض وتُناقش، ويعاد اكتشافها من قبل أجيال جديدة لم تعاصرها. فقد جسدت في أفلامها صورة المرأة القوية، الحالمة، المكافحة، البسيطة والمثقفة، وكانت دائمًا قريبة من نبض الشارع المصري.


كما أن تأثيرها لا يقتصر على الشاشة، بل تعدى ذلك إلى أن أصبحت رمزًا ثقافيًا وشعبيًا، تُستعاد سيرتها في الكتب، والدراسات، والبرامج الوثائقية، والمهرجانات السينمائية.



سعاد حسني لم تكن مجرد ممثلة، بل كانت ظاهرة فنية وإنسانية، عبّرت عن الناس، وتقمّصت همومهم، وسكنت القلوب بضحكتها الدافئة وعيونها الحزينة.

ورغم النهاية المفجعة، ستظل السندريلا خالدة في ذاكرة الفن المصري والعربي، كنموذج للجمال الطبيعي، والموهبة الفطرية، والروح المصرية الأصيلة.

اضف تعليق

أحدث أقدم