موت الشباب المفاجئ: عَظة تهزّ الوجدان وتستدعي التأمل

المشاهدات الفعلية للخبر 👁 Flag Counter










بقلم: محمد مجدي الشامى


في زمنٍ تتسارع فيه وتيرة الحياة وتُغرقنا مشاغل الدنيا، تأتي أخبار موت الشباب المفاجئ كصفعة على وجه الغفلة، توقظ فينا إحساسًا دفينًا بالحقيقة الكبرى التي كثيرًا ما نهرب منها: أن الموت لا يفرّق بين صغير وكبير، ولا يستأذن أحدًا قبل أن يطرق بابه.

تختلف الأسباب ولكن الموت واحد 


خلال السنوات الأخيرة، تكرّرت حوادث وفاة شباب في مقتبل العمر، دون سابق إنذار أو مرض ظاهر. طلاب جامعيون، موظفون، رياضيون، وحتى عرسان في بداية مشوارهم، يسقطون فجأة وسط دهشة الأهل والأصدقاء، وتتحول صفحاتهم على مواقع التواصل إلى ساحات رثاء ودعاء. كل مرة، يتردّد السؤال ذاته في المجالس وعلى الألسنة: "كان في عزّ صحته... كيف مات فجأة؟"


أرقام ودلالات


تشير دراسات طبية إلى أن من بين الأسباب الشائعة لحالات الوفاة المفاجئة لدى الشباب: السكتات القلبية غير المكتشفة، اضطرابات في كهرباء القلب، أو تمددات شريانية غير مشخصة. لكن الأرقام، رغم أهميتها، لا تجيب على البعد الإنساني العميق لهذا الحدث. فالموت المفاجئ يُربك المشاعر، ويُزلزل الأمان الزائف الذي نغلف به يومياتنا.


العَظة التي تُنسى سريعًا


كثيرًا ما تكون وفاة شاب سببًا في عودة البعض مؤقتًا للتفكر والتقرب من الله، وتنتشر عبارات من قبيل "اللهم أحسن خاتمتنا" و"الموت لا يعرف عمرًا". لكنها عَظة سرعان ما تُنسى مع مرور الأيام، ونعود للغفلة وكأن شيئًا لم يكن.


هنا تتجلى المفارقة المؤلمة: أن الموت، على شدته، لا يكفي ليوقظ القلوب ما لم تكن مستعدة للاستيقاظ.


ما وراء الصدمة


من الناحية النفسية، تترك هذه الحوادث أثرًا بالغًا على الأهل والمجتمع. إذ يعيش الأهل بين ألم الفقد، ودوامة من الأسئلة الوجودية: "هل ودّعناه كما ينبغي؟ هل كان راضيًا؟ هل نحن مستعدون إن جاء دورنا؟"


لكن موت الشباب ليس مجرد مأساة فردية؛ بل هو مرآة للمجتمع. مرآة تضعنا وجهًا لوجه مع قسوة الحياة وسرعة زوالها، وتدعونا لمراجعة أولوياتنا: هل نحن نعيش فعلاً؟ أم فقط نؤجل الحياة بانتظار فرصة قد لا تأتي؟


دعوة للتأمل والاستعداد


لا أحد يعرف متى ينتهي مشواره. لكن ما نعرفه جيدًا هو أن الموت آتٍ. لا ليخيفنا، بل ليذكرنا بأن لكل لحظة قيمة، ولكل كلمة أثر، ولكل علاقة نهاية.


موت الشباب المفاجئ ليس فقط خبرًا في صفحة الوفيات، بل هو درس مفتوح... لنا جميعًا.

اضف تعليق

أحدث أقدم