جيل المحتوى بين الصحافة والتكنولوجيا

المشاهدات الفعلية للخبر 👁 Flag Counter










 

كتب: محمود محمد عبد الفتاح


رحيل الكاتب الصحفي والمفكر سليمان شفيق أعاد طرح أسئلة جوهرية حول تطور الصحافة، وتسليم الراية بين الأجيال، في ظل التحولات الرقمية المتسارعة التي أعادت تشكيل الإعلام والمحتوى.


ينتمي سليمان شفيق إلى جيل التلاميذ بعد الأساتذة، ممن حملوا شغف الصحافة الحزبية رغم محدودية العائد، حيث كانت المتعة والمعنى هما الأصل، تجربة حزب التجمع، التي جمعت أطياف اليسار والقوميين والمستقلين، شكلت خلفية فكرية غنية لهذا الجيل، وهي تجربة تستحق الدراسة لفهم التحولات السياسية والإعلامية الراهنة.


صحيفة "الأهالي" كانت منصة لهذا الجيل، بقيادة رموز مثل حسين عبد الرازق، صلاح عيسى، وأمينة النقاش، واستقطبت كتابًا بارزين مثل نوال السعداوي، نبيل زكي، وعواطف عبد الرحمن، وكان سليمان شفيق من الصحفيين الذين حملوا العمل الميداني على أكتافهم، إلى جانب أسماء مثل أحمد إسماعيل، مصباح قطب، وبهيجة حسين.


تميزت "الأهالي" بتنوع محتواها، واستضافت مفكرين كبار مثل إسماعيل صبري عبد الله وفؤاد مرسي، وطرحت قضايا التنوير ونقد التطرف من خلال أقلام مثل جلال أمين وخليل عبد الكريم، وقد ساهم هذا التنوع في ترسيخ قيمة المحتوى كعنصر أساسي في العمل الصحفي.


ورغم التحولات التكنولوجية، ظل المحتوى هو البطل الحقيقي، جيل شفيق نجح في الجمع بين أدوات العصر الرقمي والقدرة على التفكير والطرح، دون أن يفقد جوهر الصحافة، فقد ظل حتى رحيله قادرًا على مواكبة التغيير، وطرح رؤى جديدة دون أحكام مسبقة، كما أكد زملاؤه أنه كان "أستاذًا موسوعيًا" جمع بين الصحافة والفكر والنقد السياسي.


التجربة تؤكد أن الصحافة ليست مجرد أدوات أو منصات، بل مراحل تتسلم فيها الأجيال الراية، وأن من يملك المحتوى ويواكب التكنولوجيا هو من يصنع الفارق، وفي زمن تتسارع فيه المنصات وتتغير فيه أدوات النشر، تبقى تجربة سليمان شفيق تذكيرًا بأن الصحافة موقف وفكر، وليست مجرد وسيط رقمي.

اضف تعليق

أحدث أقدم