كتب محسن محمد
من بين جدران البيت الواحد، تولد الحكايات كلها… هناك حيث المفروض أن يسكن الحب، ويُزرع العطاء، تشتعل أحيانًا نيران الغيرة، وتتحول الدماء الواحدة إلى سيوف خفية.
صراع الأشقاء ليس دائمًا على المال أو الميراث، أحيانًا هو سباق على الحب، على المكانة، على نظرة رضا من أبٍ أو أمٍ لم يدركا أن ميزان العدل بين الأبناء ليس رفاهية، بل نجاة من جرحٍ قد لا يلتئم أبدًا.
كم من أخين عاشا كالغرباء! وكم من أختين فرّق بينهما الغضب! يبدأ الأمر بخلاف صغير، بكلمة، بنظرة، ثم تتراكم السنوات فتتحول الطفولة الجميلة إلى ساحة حرب باردة، لا تُسمع فيها الأصوات، لكنها تؤذي أكثر من الصراخ.
البيوت التي تشتعل من الداخل لا يطفئها أحد، فالنار هنا لا تراها العيون، بل تحرق في صمت. الأخ الذي كان سندًا صار ندًّا، واليد التي كانت تمتد بالعون أصبحت تتردد في السلام.
ورغم كل ذلك، يبقى في القلب حنين خفي… حنين إلى تلك الأيام التي كان فيها الخلاف مجرد لعبة تنتهي بضحكة، لا بندبة في القلب.
يا ليتنا نتذكر أن الأخ لا يُعوَّض، وأن أختك التي تختلف معها اليوم، قد تكون غدًا أول من تبكي غيابك. إن رابطة الدم لا تنكسر إلا حين يختار أصحابها أن ينسوها.
وفي نهاية الحكاية، لن ينتصر أحد… لأن صراع الأشقاء لا يخلّف منتصرين، بل قلوبًا خاسرة، وذكريات تُوجع كلما مرّت في الذاكرة.
فلتكن أنت من يُطفئ النار، لا من يُذكيها… فالأخ إذا ضاع، ضاعت قطعة من روحك لا تُستعاد.


إرسال تعليق