امرأة لا تقرأ ولا تكتب.. لكنها علمتني الحياة

المشاهدات الفعلية للخبر 👁 Flag Counter




 

بقلم: محسن محمد


ربّتني امرأة لم تعرف القراءة ولا الكتابة، لكنها كانت أعظم من كل المدارس والجامعات. لم تحمل شهادة، لكنها كانت تحمل قلبًا يفهم أكثر من الكتب، وعقلاً يزن الأمور بميزان الفطرة والصدق.


علمتني أن الكلمة الطيبة تفتح القلوب قبل الأبواب، وأن الصمت وقت الغضب نجاة، وأن الكرامة لا تُستعاد إذا فُقدت. كانت تقول لي دائمًا: “الناس بتتشاف بأفعالها، مش بكلامها.” فكبرت وأنا أرى في تصرفاتها منهجًا للحياة، وفي صبرها دروسًا لا تنتهي.


هي لم تعرف الحروف، لكنها كانت تقرأ الوجوه وتفهم القلوب، وتعرف من النظرة ما لا يُقال بالكلمات.

كانت إذا أخطأت لا تعاقبني، بل تنظر إليّ نظرة تجعلني أراجع نفسي ألف مرة.

وإذا أصابني الحزن، لا تملك لغة تشرح بها مواساتها، لكنها تكتفي بلمسة يد صادقة تذيب كل الهم.


تعلمت منها أن التربية ليست تعليمًا فقط، بل حبّ واحتواء وقدوة.

وأن الأمهات الأميات في الحروف، هن أعظم المعلمات في المشاعر والضمير والإنسانية.


لقد كانت أمي بسيطة في مظهرها، عظيمة في معناها، لم تدخل مدرسة يومًا، لكنها علمتني دروس العمر كلها.


وها أنا اليوم، كلما حققت شيئًا في حياتي، أتذكر تلك المرأة التي لم تعرف القراءة، لكنها كانت تكتبني من الداخل سطرًا سطرًا.

كانت تزرع في قلبي بذور الخير دون أن تدري، وتعلّمني بصمتها ما لم يقله أساتذة الحياة.

رحلت وبقي أثرها في كل خطوة، وبقيت كلماتها البسيطة تهمس لي كلما تعبت:

“خليك كويس يا ابني، الكويس ربنا عمره ما بيضيّع.”

رحلت المعلمة التي لم تحمل قلمًا، لكنها كتبت أجمل سيرة في قلبي… سيرة اسمها أمي

اضف تعليق

أحدث أقدم