كتبت/ لينا احمد دبة
هناك كسر لا يُسمع له صوت، ولا يُرى له أثر،
كسرٌ يحدث في الداخل، في مكانٍ لا تصل إليه يد، ولا يجبره ضماد.
يسمونه كسرة النفس… وأنا أسميه "انحناءة الروح" حين يثقلها الألم أكثر مما تحتمل.
كسرة النفس لا تأتي فجأة، إنها تُصنع ببطء.
بهمسة استخفاف، بخذلان من قريب، بظلمٍ صامت، بنظرة استعلاء، أو بكلمة تُقال دون اكتراث فتترك صدعًا في أعماق من سمعها.
هي وجعٌ لا يصرخ، لكنه يغيّر ملامح العينين، يطفئ شيئًا في البريق، ويجعل الحلم ثقيلًا كأنه يُساق إلى الموت ببطء.
أقسى ما في كسرة النفس أنها لا تُرى،
الناس تمر بجانبك وتظن أنك بخير، لأنك ما زلت تبتسم، وتقول "الحمد لله".
لكن داخلك عالم من الانهيارات الصغيرة، التي لم تجد لحظة واحدة لتبكيها كما تستحق.
تتعلم مع الوقت أن تمشي منكسِرًا وأنت مستقيم الظهر،
أن تبتسم وأنت تتفتت،
أن تقول "أنا قوي" بينما كل ما فيك يرجوك أن تتوقف قليلًا… فقط لتلتقط أنفاسك.
كسرة النفس لا تقتلك، لكنها تسلبك الإحساس بالحياة.
تجعلك تنظر إلى نفسك كغريب، وتخاف من الضوء لأن الظلال فيه أوضح.
تجعلك تتساءل: كيف يمكن لشيء غير مرئي أن يُوجع كل هذا الوجع؟
لكن رغم كل ذلك، في قلب كل انكسار بذرة عودة.
قد لا تعود كما كنتِ، لكنك ستعود أنضج، أهدأ، وأقرب لنفسك.
ستكتشف أن ما كُسر فيك لم يكن ضعفًا، بل حساسية روح لم تجد من يحتويها.
وأن النور الحقيقي لا يأتي إلا من الشقوق التي فتحها الألم.
فلا تخجل من كسرتك،
هي التي جعلتك إنسان تشعر، وتفهم، وتتعاطف، وتحب رغم كل شيء.
كسرة النفس ليست نهاية…
إنها الدرس الذي تتعلّم فيه الروح كيف تُخلق من جديد.


إرسال تعليق