بقلم: وائل عبد السيد
تدفق النور الأبدي
أَتَى الصُّبْحُ يَمْحُو كُلَّ لَيْلٍ بِأَسْرِهِ تَلَاشَى السَّوَادُ وَشَقَّ الضِّيَاءُ عُيُونَهُ فَهَبَّتْ نُفُوسٌ لَمْ تَنَمْ خَلْفَ سِتْرَةِ غَسْقٍ ثَقِيلٍ وَعَادَ الشُّعَاعُ يَبُثُّ الحَيَاةَ كَأَنَّ الأَمَانِيَ عَادَتْ جَدِيدَةْ وَجَاءَتْ وُعُودٌ بِفَجْرٍ سَعِيدٍ فَقُمْ يَا فُؤَادِي وَبَادِرْ خُطَاكَ إِلَى العَمَلِ النَّافِعِ المُسْتَطَابِ وَأَطْلِقْ عِنَانَكَ مِنْ كُلِّ قَيْدٍ تَقَيَّدَ بِالأَمْسِ دُونَ انْتِبَاهِ فَكُلُّ شُرُوقٍ هُوَ البَدْءُ حَقًّا وَمَا الأَمْسُ إِلَّا كَطَيْفٍ تَعَدَّى وَكُنْ فِي حُضُورِكَ كَالنَّبْعِ يَجْرِي يُغَذِّي الحُقُولَ بِشَوْقٍ عَرَمْ وَشُقَّ الدُّرُوبَ بِقَلْبٍ تَفَتَّحْ عَلَى النُّورِ وَالخَيْرِ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَكَمْ مِنْ جَمِيلٍ بِهِ لَمْ نَرَهُ إِلَّا بِإِشْرَاقِ شَمْسٍ بَرِيئَةْ تَلُوحُ عَلَى الأُفُقِ الهَادِئِ وَتَرْسُو عَلَى الأَرْضِ رِسْوَ الجَمَالِ وَتُوقِظُ كُلَّ وُرُودٍ نِيَامٍ فَتَفْتَحُ أَبْوَابَ عِطْرٍ شَهِيٍّ يُدَاعِبُ رُوحَاً تَشَوَّقَتْ لَهُدُوءِ الصَّبَاحِ وَبَسْمَةِ نَدَاهُ وَتَسْمَعُ صَوْتَ الطُّيُورِ تَغَنِّي بِتَرْتِيلِ شُكْرٍ لِرَبٍّ كَرِيمٍ وَتَرَى الفَلَّاحَ يَمْضِي لِأَرْضٍ يُعَانِقُهَا بِيَدٍ قَدْ تَشَقَّقْ وَتَحْسُو بَرِيقَاً عَلَى كُلِّ شَيْءٍ كَأَنَّ الذَّهَبَ ذَابَ عَلَى كُلِّ غُصْنٍ فَلَا لَيْلَ يَبْقَى وَلَا هَمَّ يَدْنُو إِذَا مَا الرُّؤَى أَصْبَحَتْ فِيكَ نُورَا وَلَا تَجْعَلِ اليَأْسَ يَبْنِي جُسُوراً عَلَى قَلْبِ مَنْ سَارَ فِي عُمْقِ فَجْرِ فَمَنْ عَاشَ بِالحُبِّ نَالَ المَرَامَ وَمَنْ عَانَقَ الصُّبْحَ عَانَقَ بَشَارَةْ هِيَ البَدْءُ دَوْمًا وَلَنْ تَنْتَهِيَ الشَّمْسُ تَطْلُعُ مِنَّا وَفِينَا.


إرسال تعليق