بقلم: أحمد فاضل الخمساوي
لم يعد الوهم مجرد فكرة عابرة أو مرض نفسي يُدرس في الكتب الطبية، بل أصبح جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية. قد يتجسد في كلمة نسمعها فنصدقها، أو صورة نراها فنظنها واقعًا، أو حلم نعيشه داخليًا رغم أنه لم يتحقق بعد.
في زمن التواصل الرقمي، بات الوهم أكثر حضورًا..
على شبكات التواصل الاجتماعي نتابع صورًا براقة لحياة يظنها البعض مثالية، بينما تخفي خلفها ضغوطًا واكتئابًا وديونًا.
في سوق العمل، يسقط كثيرون في فخ الوعود السريعة بالثراء من خلال استثمارات غير حقيقية، ليكتشفوا لاحقًا أنهم وقعوا ضحية سراب.
حتى في العلاقات الإنسانية، نصوغ صورًا مثالية عن أشخاص نرتبط بهم، ثم نصطدم بالواقع الذي يكشف أن تلك الصورة لم تكن سوى وهم جميل.
الوجه الإيجابي للوهم
ورغم سلبياته، لا يمكن إنكار أن الوهم قد يتحول أحيانًا إلى قوة دافعة.
فالعامل البسيط الذي يقنع نفسه بأن "الغد سيكون أفضل"، يعيش على وهم لكنه يجد فيه حافزًا لمواصلة الطريق. والطالب الذي يتخيل مستقبله طبيبًا أو مهندسًا ناجحًا، قد يصنع من هذا الوهم واقعًا ملموسًا بالمثابرة والاجتهاد.
حين يصبح الوهم خطرًا
لكن الوهم يفقد قيمته حين يتحول إلى بديل عن الحقيقة. فعندما يهرب الإنسان من مواجهة واقعه ويعيش في عالم متخيل، يخسر سنوات من عمره دون إنجاز حقيقي. هنا يتحول الوهم من طاقة أمل إلى فخ يسرق العمر في صمت.
الوهم ليس صديقًا مطلقًا ولا عدوًا دائمًا، بل هو أداة تشبه النار: تمنح الدفء إذا أحسن الإنسان استخدامها، وقد تحرقه إن تركها بلا وعي.
ويبقى السؤال: هل يستطيع الإنسان أن يعيش بلا وهم؟ أم أن الحقيقة، بما تحمله من قسوة، تحتاج دائمًا شيئًا من الخيال لتصبح محتملة؟



إرسال تعليق