كتب محمد علي
في وقتٍ تترقب فيه أنظار العالم افتتاح المتحف المصري الكبير، أكبر صرح أثري في التاريخ الحديث، يظل الملك الذهبي توت عنخ آمون في مقبرته الأصلية بوادي الملوك في الأقصر، حيث اختار العلماء أن تبقى مومياؤه في مثواها الأبدي، احترامًا لقدسيتها وحفاظًا على حالتها النادرة.
ورغم أن المتحف الجديد سيضم كامل كنوز الملك الشاب — من العرش الذهبي إلى القناع الشهير والمجوهرات الفريدة — فإن جسده المحنط سيبقى في مكان اكتشافه قبل أكثر من قرن، حين أزاح عالم الآثار البريطاني هاوارد كارتر الستار عن المقبرة التي هزّت العالم عام 1922، لتصبح رمزًا للخلود المصري ولعظمة الحضارة الفرعونية.
وأكدت وزارة السياحة والآثار أن قرار بقاء المومياء في الأقصر يأتي في إطار خطة علمية دقيقة للحفاظ على المومياوات الملكية في بيئاتها الأصلية، حيث تتوافر الظروف المناخية المناسبة ومستويات الرطوبة والحرارة المطلوبة. وقد تم تجهيز المقبرة بأحدث أنظمة الحماية البيئية والإضاءة لضمان سلامة المومياء على المدى الطويل.
ويواصل الزوار من مختلف دول العالم التوافد إلى وادي الملوك لمشاهدة المومياء الفريدة في مقبرتها رقم (KV62)، حيث يرقد الملك الشاب في صمت مهيب، بينما تحيط به جدران تحمل نقوش الرحلة إلى الحياة الأبدية.
توت عنخ آمون، الذي حكم مصر في سنٍ صغيرة ورحل في الثامنة عشرة من عمره، لا يزال بعد أكثر من ثلاثة آلاف عام يجذب أنظار العالم، ليبقى رمزًا خالدًا لعظمة المصري القديم الذي صاغ معنى الخلود قبل أن يعرفه أحد.
> وهكذا، بينما تنتقل كنوزه إلى المتحف المصري الكبير، يبقى الجسد في وادي الملوك، شاهدًا على أن بعض الملوك لا يغادرون عروشهم... حتى بعد الموت.


إرسال تعليق