الجُذام… المرض المنسي الذي لم يرحل!

المشاهدات الفعلية للخبر 👁 Flag Counter









 

كتب محسن محمد 

في زمن تتسارع فيه الاكتشافات الطبية، وتُطوّق فيه الأمراض بالأمصال والعلاجات، يطلّ علينا مرض يبدو وكأنه قادم من كتب التاريخ… لكنّه حيّ، يتسلّل بصمت، ويختبئ خلف وصمة لا ترحم. إنه الجُذام، أو كما يُعرف بـ"داء هانسن"، الذي لم ينتهِ بعد، رغم كل التقدّم.


ما الجذام؟ ولماذا يُخيفنا؟


الجذام ليس مرضًا جديدًا، بل رفيق قديم للإنسان منذ آلاف السنين. يسببه نوع من البكتيريا يُهاجم الجلد والأعصاب والعينين، وقد يؤدي – إذا أُهمِل – إلى فقدان الإحساس، والتشوهات الجسدية، بل حتى الإعاقة الدائمة. لكنّ المفاجأة أن هذا "العدو القديم" ليس خطيرًا كما نظن، بل هو من أبطأ الأمراض انتشارًا، وغالبية البشر لديهم مناعة طبيعية ضده.


كيف ينتقل؟ وهل نُصاب به بسهولة؟


بعكس الصورة المرعبة التي التصقت به، لا ينتقل الجذام بسهولة. يحتاج إلى مخالطة طويلة ومتكررة مع المصاب، وغالبًا عبر رذاذ الأنف أو الفم. ومع ذلك، فإن 95% من الناس لا يصابون به حتى في هذه الظروف، بفضل مناعتهم الفطرية.


الدواء موجود… لكن الوصمة تقتل


منذ أكثر من 40 عامًا، أصبح الشفاء من الجذام ممكنًا تمامًا عبر مضادات حيوية تُقدّم مجانًا في معظم دول العالم. ورغم ذلك، يبقى التحدي الحقيقي خارج حدود الجسد: وصمة المجتمع، التي تجرّد المريض من كرامته، وتعزله عن محيطه، وكأن العدوى أصبحت "عارًا اجتماعيًا" لا مرضًا عابرًا.


الوعي أقوى من الخوف


في معركتنا ضد الجذام، السلاح الحقيقي لم يعد الدواء فحسب، بل الوعي الإنساني. يجب أن نعيد تعريف المرض في عقول الناس: الجذام اليوم قابل للشفاء، والمريض لا يُشكّل خطرًا بعد بدء العلاج، بل هو ضحية يحتاج إلى دعم لا إلى عزلة.


ختامًا… لا تجعلوا الخوف أداة إقصاء


قد لا نرى الجذام في شوارعنا، لكنه لا يزال موجودًا في زوايا مظلمة من هذا العالم. وما لم نحارب الجهل والخوف كما نحارب البكتيريا، سيبقى المريض يعاني مرتين: من المرض، ومنّا.

اضف تعليق

أحدث أقدم